مركبه فضائيه تعمل بالضوء
راودني في احد الايام هذا السؤال : لم لا نستفيد من قانون نيوتن الثالث في الحركة (يوجد لكل فعل رد فعل يساويه في الشدة ويعاكسه في الاتجاه ) كما نفهمه جميعا فى السفر في الفضاء بسرعة الضوء؟ ألا نستطيع استخدام مصادر ضوئيه قوية جدا كنظام دفع لصواريخنا بعد الخروج الى الفضاء والتخلص من جاذبيه الارض ؟ بما أن الفوتونات الضوئيه تتحرك بسرعتها وهي اكبر سرعه معروفه ، ويفترض بها تبعا للقانون الفعل ورد الفعل فتستطيع ان تدفعنا للحركه بنفس السرعة ولكن بالاتجاه العكسي؟ مع عدم وجود مقاومه بالفضاء
لماذا لا تنجح هذه الطريقة؟
للاجابه عن السؤال ينبغى أن نحلل الامر جيدا وبعمق ببساطه كالعاده :
قوانين الحركه فى الفضاء
بحسب قوانين الحركه يملك الجسم الثقيل وهو يتحرك بسرعة قليلة ، بكمية حركة كبيرة ، ويشابهه فى ذلك الجسم الخفيف عندما يتحرك بسرعات عالية مثل ( فوتونات الضوء) ولكن لا يعني هذا أن السرعات ضمن هذه المسألة تعادل اوتلغى بعضها البعض، فمثلا عندما تطلق رصاصة من بندقية سيكون هناك رد فعل يرتد الى الخلف كما نعرف ، ونلاحظ بالطبع أن البندقيه أثقل فى الوزن بكثير من الرصاصة المنطلقه منها ، لذلك يكون الارتداد للخلف أبطأ بكثير جدا من سرعة انطلاق الرصاصة ، وبنفس الوقت لا تملك الفوتونات الضوئيه ، وهي الجسيمات المكونه للضوء أي ( كتلة ) .
المفارقة هى أنها ما تزال تتمتع بكمية حركة كبيره نتيجه السرعه العاليه وتتناسب كمية الحركة للفوتون عکس الموجي بمعنى أن الفوتونات فى الاطوال الموجيه الكبيره (مثل الأمواج الراديوية) تملك كمية حركة أقل، وبالمقابل تكون الفوتونات فى الاطوال الموجيه الصغيره ، مثل طيف الضوء المرئي بالنسبه لنا أو أشعة اكس ، فتملك كمية حركية أكبر.
الدفع الضوئي
إذن، يمكننا من الناحية النظرية الرياضيه استخدام الضوء فى دفع مركبة فضائية ، ويمكن ان يتحقق بإطلاق شعاع ليزرى ضوئي مركز باستطاعة عالية من المركبه من الخلف لتحريكها، ولكن ان كمية الحركة لكل فوتون ضوئي صغيرة جدا جدا وهى تساوي ناتج قسمة ثابت بلانك، وهو رقم صغير جدا على الطول الموجي للفوتون الضوئي ، ولذلك سيتطلب تحريك مركبه اطلاق الكثير جدا من الفوتونات الضوئيه ولكن هذة الصعوبات لم تعجز فريق الفيزيائيين والمهندسين بالبرنامج Lightsail سفينه الشراع الشمسى محاولة وضع تصميم لهذا الصاروخ الفوتوني ..
سفينة لايت سيل Lightsail
بدأت فى الاعتماد على ضوء الشمس كوقود للتحرك في داخل مدار الأرض السفلي القريب ، وذلك بعد ضغطة زر من قبل المهندسين المشرفين على تشغيل المركبه ذات الدفع الضوئي قامت السفينه الفضائيه Lightsail 2 بنشر أشرعتها الخاصه، التي تبلغ مساحتها عند نشرها ما يساوى 32 مترًا مربعًا ، وهي ذات سماكه رقيقه جدا ، ادق من الورق المستخدم للكتابه .
استخدام الضوء كوقود
السفن البحريه قديما كانت تبحر بالاعتماد على الرياح في حركتها على سطح الماء ، مثل سفن الأشرعة العادية ، ولكن مركبتنا الفضائيه لايت سيل تتحرك بدون وقود او حتي محرك انها تستخدم الضوء الصادر من الشمس ، انه وقود لا ينتهى حيث تعتمد الأشرعة الشمسية على طاقة الفوتونات الضوئيه التي تنبعث من الشمس ، والتي تصطدم بالأشرعة الشمسيه وعلى الرغم من أن هذه الطريقة للدفع الحركى لا توفر قدرًا كبيرًا من الطاقة في البداية ، إلا أن استمرار الزخم يزداد بمرور الوقت وينتج عنه تسريع المركبه Lightail 2. حيث لا مقاومه فى الفضاء .
كيف تعمل Lightcell
يتحكم المهندسون المشرفون على الأرض فى مركز تحكم المهمه فى توجيه السفينة عن طريق ضبط زاوية الأشرعة لاستقبال وعكس الضوء ، تمامًا مثل الأشرعة العادية فى السفن الشراعية ، وقد أرسلت هذه المركبة لايت سيل صورها الأولى للأرض من مدارها السفلى في وقت سابق من هذا الشهر.
اطلاق سفينه الدفع الضوئي Lightcell
كانت المركبه Lightcell 2 جزءًا من الحمولة لصاروخ فالكون الثقيل Falcon Heavy ، والذي قامت بصنعه واطلاقه شركة SpaceX المتطوره في 25 يونيو.
انتظرت جمعية الكواكب عقدًا من الزمن لإطلاق سفينه الشراع الشمسي ، والتي تم بناءها بتمويل خاص من الافراد ، بعيدا عن برامج الفضاء الخاصه بالوكاله الدوليه ، ومن قبلها قامت شقيقتها الكبرى المركبه الاولى العامله بالضوء ، Lightsail 1 ، بنشر أشرعتها في عام 2015 ، لكنها للاسف عادت إلى الأرض بعد أيام قليلة فقط من الاطلاق .
كما أطلقت وكاله JAXA الفضائيه اليابانيه ، بنجاح سفينة شراعية شمسية ناجحه ولكن البرنامج الفضائي اليابانى لا يعرض مهماته او يتيح البيانات للعامه ومع ذلك ، فإن فكرة الشراع الشمسي واستخدام الضوء كوقود ليست جديدة ..
فكره الشراع الشمسي
بل تم اقتراحه لأول مرة من قبل عالم الفلك الشهير والكاتب العلمي كارل ساجان في السبعينيات ، إلا أنه تم تخيله لأول مرة في القرن السابع عشر من قبل عالم الفلك الألماني يوهان كبلر ، بعد ملاحظة ذيول المذنبات وحركتها المعاكسه لاتجاه الشمس .
سفينه الشراع الشمسي
بعد رحلة حول مدار أرضي منخفض ، أكمل LightSail A بنجاح مهمة اختبار صعبة من خلال نشر شراع مايلر الشمسي الذي تبلغ مساحته 32 مترًا مربعًا في 7 يونيو 2015. تم التقاط هذه الصورة المذهلة من الكاميرا ذات العدسة العريضة للمركبة ، بحجم رغيف الخبز ، يُظهر شراع المنشور يتلألأ في ضوء الشمس. في الخارج ، كان الشراع مرئيًا للمراقبين على الأرض قبل مداره النهائي ، وبعد ذلك عاد Lightsail A إلى الغلاف الجوي
مهدت التجربة الناجحة لتقنية "LightSail-A" الطريق أيضًا لتجربة المركبة الفضائية "LightSail B" ، على الرغم من أنها كانت تعتبر شكلاً من أشكال الخيال العلمي في الماضي ، حيث تم اقتراح السفر عبر الفضاء باستخدام الأشرعة قبل 400 عام. قبل يوهانس كيبلر ، لاحظ أن ذيول المذنبات تأثرت عندما مرت في الرياح الشمسية. لكن تصميمات الشراع الشمسي الحديثة ، مثل تلك التي تم اختبارها في Lightsail A ، تعتمد على ضغط ثابت قليل من الضوء الشمسي للدفع.
تتيح لنا هذه التقنية لاستخدام الدفع الضوئي فى إرسال المركبات الفضائيه إلى وجهات رائعة وبعيده في النظام الشمسي وحتى خارجه ، الى اعماق الفضاء ، بطريقة لم تكن ممكنة من قبل لأننا مع مثل هذه التقنيه ، لسنا بحاجة إلى أنظمة التحكم في الوقود أو الوقود نفسه الذى يشغل اثر من نصف حموله الصاروخ الفضائي .
الخلاصه
أن سفن الأشرعة الشمسية قد تسمح :
"بتقليل تكلفة هذه المهمات الهائله لاستكشاف الفضاء حولنا ". لقد كان هذا المفهوم من أحلام علماء الفلك المستحيله لمده عقود من الزمن ، وتعتمد هذه الفكرة ببساطه على إطلاق المركبات في الفضاء بدون محرك أو وقود أو حتى ألواح شمسية ، كما تستخدمها محطات الفضاء لانتاج الطاقه ، انها طاقه واعده وعلم جديد مع دفع الفوتونات من الشمس فقط.